انواع مناهج البحث العلمي (الكيفي – المختلط المزجي)
مقدمة
البحث العلمي يُعدّ من الركائز الأساسية التي تساهم في تطور الأمم وتقدمها، وقد شهد اهتمامًا متزايدًا في العقود الأخيرة نتيجة لتصاعد طموحات المجتمعات في تحقيق النمو والتطور. هذا الاهتمام جاء في سياق سعي المجتمعات إلى إيجاد حلول علمية لمشكلاتها والتحديات التي تواجهها. المؤسسات العلمية والتربوية بدورها ركزت على تنمية مهارات البحث العلمي لدى الباحثين والطلاب، إيمانًا منها بأهمية البحث في الارتقاء بمستوى التعليم وخدمة المجتمع. والبحث العلمي يحتل مكانة متقدمة في أولويات مؤسسات التعليم العالي، حيث يُعتبر وسيلة رئيسية لرفع مستوى المؤسسة التعليمية والمساهمة في تحسين حياة المجتمع.
والبحث العلمي بحد ذاته يتكون من مجموعة من الجهود المنظمة التي يسعى الإنسان من خلالها إلى فهم الظواهر المحيطة به وتفسيرها باستخدام الأسلوب العلمي. هذا الأسلوب يعتمد على قواعد علمية محددة تهدف إلى تحليل العلاقات بين الظواهر والبحث في الأسباب والمسببات. ومع تطور البحث العلمي، خصوصًا في المجال التربوي، شهدت مناهج البحث قفزات نوعية. في البداية، كان التركيز منصبًا على المنهج الكمي، الذي يقوم على الفلسفة الوضعية التي تفترض أن هناك حقيقة واحدة وواقعًا واحدًا يمكن الكشف عنه عبر جمع البيانات وتحليلها بشكل موضوعي. هذا المنهج يركز على إيجاد العلاقات السببية بين المتغيرات أو الفروق بين الفئات، لكن الانتقادات وُجهت إليه بسبب سطحية نتائجه في كثير من الأحيان وعدم قدرته على تقديم تفسير عميق للظواهر التربوية والاجتماعية.
في المقابل، ظهر المنهج الكيفي كردة فعل للمنهج الكمي، حيث يقوم على الفلسفة البنائية التي ترى أن الواقع ليس موحدًا بل يتشكل من وجهات نظر متعددة. المنهج الكيفي يعتبر أن الباحث ليس مجرد مراقب خارجي للظاهرة بل هو جزء من هذه الظاهرة، ويجب أن يشارك في معايشتها لفهمها بشكل أعمق. الهدف من هذا المنهج هو تفسير الظواهر من داخل السياق الاجتماعي الذي تحدث فيه، مما يتيح للباحث فرصة التعمق في تفاصيل العلاقات الاجتماعية والظروف المحيطة بها.
ورغم النقاش المستمر بين أنصار المنهج الكمي وأنصار المنهج الكيفي حول الأفضلية بين المنهجين، برز المنهج المختلط كخيار يجمع بين مزايا المنهجين. يعتمد المنهج المختلط على الفلسفة البرجماتية التي ترى ضرورة الاستفادة من الأدوات الكمية والكيفية معًا من أجل الوصول إلى فهم أعمق للظواهر. فكرة المنهج المختلط تقوم على أن جمع البيانات الكمية والكيفية وتحليلها معًا يقدم صورة أكثر شمولية عن الظاهرة المدروسة. يعتمد اختيار هذا المنهج على طبيعة الدراسة والأسئلة التي يسعى الباحث للإجابة عنها، حيث يتطلب استخدامه فهمًا شاملاً لكيفية دمج البيانات وتحليلها بطرق متكاملة.
في هذا السياق، يظهر المنهج المختلط كإضافة قوية لمناهج البحث العلمي، حيث يتيح للباحثين فرصة استغلال مميزات كل من المنهج الكمي والكيفي في آن واحد، مما يساعدهم على تحقيق فهم أعمق وأكثر تكاملًا للظواهر التي يدرسونها.
تعريف منهج البحث المختلط
منهج البحث المختلط يُقصد بمنهج البحث المختلط هو ذلك المنهج الذي يتضمن جمع بيانات كمية ونوعية ودمجها من خلال استخدام تصاميم بحثية متمايزة، فهو منهج يمزج بين منهجي البحث الكمي والنوعي والبيانات الخاصة بكل منهما في دراسة واحدة ( السلمي، 2019، 9).
تعريف منهج البحث الكيفي
منهج البحث الكيفي: هو ذلك الذي يعتمد على دراسة الظاهرة في ظروفها الطبيعية باعتبارها مصدراً مباشراً للبيانات وتستخدم بياناته الكلمات والصور وليس الأرقام ويعتمد في جمع بياناته على الملاحظة بالمشاركة وإجراء المقابلات وفحص وتحليل الوثائق والمقابلة المتعمقة (القاسم ، 2021، 336).
خصائص المنهج الكيفي
يتميز المنهج الكيفي بمجموعة من الخصائص المتنوعة والتي يمكن توضيحها على النحو التالي:
جدلية الأصالة: يتميز هذا المنهج بأصالة الاقتراب من المبحوث وأصالة الاقتراب من الواقع، مما يعزز العمق والدقة في البحث.
- جدلية الأصالة: يتميز هذا المنهج بأصالة الاقتراب من المبحوث وأصالة الاقتراب من الواقع، مما يعزز العمق والدقة في البحث.
- إدراك وتفسير الموضوع: يعتمد المنهج الكيفي بشكل أساسي على إدراك الموضوع وتفسيره، ويتطلب من الباحث التعرض المباشر للموقف.
- الملاحظة المباشرة: يشترط على الباحث في المنهج الكيفي أن يكون حاضرًا في المواقف المراد دراستها ليتمكن من ملاحظة وجمع البيانات بشكل مستمر، سواء من خلال حضور الاجتماعات أو التواجد في أماكن تجمع العينة.
- التحليل الاستدلالي: يركز هذا المنهج على تحليل البيانات بطريقة استدلالية، مع الاهتمام بمشاعر الأفراد ومداركهم للمجالات الحياتية وقيمهم، كما يدركونها هم وليس كما يدركها الباحث.
- احترام الثقافة المحلية: يلتزم الباحث في المنهج الكيفي باحترام الثقافة المحلية، وتقويمها من زاوية وظيفتها لأفراد المجتمع وليس من منظور ثقافة دخيلة.
- الالتزام بالقواعد التشريعية: يشدد هذا المنهج على ضرورة احترام القواعد التشريعية في إجراء البحوث، بما في ذلك استخراج التصاريح اللازمة والالتزام بالضوابط المحددة (المطيري، 2020، ص 255).
أنواع المنهج الكيفي
أنواع المناهج الكيفية كثيرة، متشعبة، وأحيانا غير محددة بدقة وهي تزداد تشعبا، نظرًا للوزن الشخصي الذي يلعبه الفرد الذي يمارس البحث الكيفي، ولكن على وجه الإجمال فإن التصميم الأولي للبحث الكيفي يتقدم عموما وفق الترتيب التالي:
- مراجعة أدبيات المشكلة موضوع البحث تعيين الإطار النظري للبحث.
- تحديد فرضيات البحث، بعد جولة استكشافية أولى.
- اختيار خطة البحث، وتحديدًا تقنيات جمع المعطيات بحسب المادة والموضوع والحالة تحليل المعطيات المجمعة.
- مقاطعة النتائج على الفرضيات وبلوغ بعض النتائج (مؤكدة أو مكذبة للفرضية).
- التحقق منها بالمزيد من التقاطع والترابط والمقارنة والاختبارات المتنوعة كتابة تقرير متقن (مع التنبه لأية حساسيات أخلاقية كان تجمع معطيات قسرًا …)
كذلك من الضروري العمل على توفير أفضل صياغة للمشكلة ولفرضيات البحث. فالصياغة المنطقية الواضحة تساعد في اختيار خطة البحث المناسبة وفي اتخاذ القرارات المتعلقة بانتقاء العينة، وفي جمع المعطيات وتحليلها وهي الخطوات العملانية التي لا غني عنها في إنجاز البحث.
هناك ثلاث تقنيات رئيسية في جمع المعطيات والمعلومات في أي منهج بحث كيفي:
- الملاحظة، والتي تتحول إلى مراقبة حين تصبح قصدية والملاحظة تتدرج من مجرد ملاحظة عقوبة عارضة إلى ملاحظة تصدية، حيث يكون الباحث مجهزا بأدوات ضرورية للملاحظة وتسجيلها، من دفتر الملاحظات note book إلى الوسائل التقنية الحديثة حين يكون ذلك ممكنا، وقد يكون تسجيل الملاحظة المباشرة ممكنا، بوجود مسافة ما، أو لاحقة، أن تكون بالمشاركة والانغماس في العملية البحثية – كما في البحوث الأنثربولوجية والسيكولوجية.
- المقابلة، وهي على أنواع كما هو معروف، ويمكن تصميمها في ضوء المشكلة موضوع البحث.
- الوثائق، هي مصدر رئيسي للمعطيات في المنهج الكيفي. قد تكون مدية، بمكن ملاحظتها وتسجيلها، مكتوبة، أو شفاهية أحيانًا، بقايا، أو لقي، أو بيانات وسجلات من كل نوع إلى الأدوات الثلاث أعلاه، نضيف ؛ لأن المطلوب في كل المقاربات جمع معطيات ذات صدقية تفي بالغرض من البحث ( الجهة الوصف الموضوعي للظاهرة بغية الوصول إلى نتائج ذات صدقية، يمكن الوثوق بها، والبناء عليها؛ ولأن الموضوعات و المشكلات هي غالبًا متشابكة، متداخلة، وعلى غير ما تظهر للوهلة الأولى، وبخاصة في البحوث النفسية والتربوية والسوسيولوجية والإنسانية، تبدو تقنية دراسة الحالة case study الأكثر قدرة على تفكيك خيوط الظاهرة موضوع البحث في العلوم الاجتماعية والنفسية والتربوية هي الأداة الأصلية المشتركة في كل مقاربة لموضوعات الميادين تلك، والباقي تنويع أو إضافة للأصل. (جلبي، ٢٠٠٤م، ص ١٢).
استخدامات منهج الكيفي في المجال التربوي
إن طبيعة المشكلة التي يسعى الباحث إلى دراستها وكذلك الأهداف التي يرغب في تحقيقها التي تحدد للباحث نوع الدراسة التي سيجريها كيفية كانت أم كمية أو البحث المختلط، وفي واقع الأمر ليس هناك بحث كيفي صرف ولا كمي، صرف، والاتجاه السائد الآن هو البحث التكاملي والتعددية المنهجية.
ومن خلال مراجعة التراث الاجتماعي والتربوي المتعلق بالبحث الكيفي فقط، يتضح للقارئ أو الباحث أن هناك نسبة ضئيلة من الباحثين خاصة العرب تهتم بالبحث الكيفي، ومن بين تلك الدراسات التي استخدمت البحث الكيفي في المجال التربوي دراسة الفقيه (2017) الذي تناول تصميم البحث الكيفي في المجال التربوي، وانصب تركيزه على بحوث تعلم اللغة. تناول الفقيه بعض الأسباب التي حالت دون استخدام الباحثين التربويين للبحث الكيفي عند دراسة بعض الظواهر والقضايا التربوية، استخدمت من بينها قلة الدراسات التي استخدمت البحث الكيفي ومناهجه، وعدم تخصيص مواد للبحث الكيفي (الفقيه،2017، 3).
وهنا أتفق مع الفقيه وأضيف أن هيمنة علم الاجتماع الأمريكي على أغلب البرامج الأكاديمية بالجامعات في العالم وتركيزه منذ نشأته على البحث الكمي وتأثره بالفلسفة الوضيعة حتى سبعينيات القرن الماضي، حيث بدأ استخدم البحث الكيفي في المجال التربوي والمجالات الأخرى. ودراسة الحنو، ( 2016) تسأل الباحث عن مدى استخدام منهجية البحث النوعي في مجال التربية الخاصة واستخدم عينة من المجلات العربية المحكمة لمعرفة ” نسبة انتشار البحث النوعي ومدى توفر جودة البحث النوعي فيها”.
يُستخدم المنهج الكيفي في العادة في دراسات ذات نطاق صغير، إذ ينشغل بمقابلات غير مقننة، ودراسة تاريخ حالة أو ملاحظات. وعندما يتعلق البحث بأفراد أو جماعات صغيرة فإنه يساعد على فهم أفضل للتجارب التي حدثت (الطبولي ، 2022، 105).
اعتبار البحث الكيفي من البحوث المناسبة للمجتمعات التقليدية التي تتصف بالانغلاق الثقافي:
يعتبر البحث النوعي من البحوث المناسبة للمجتمعات التقليدية التي تتصف بالانغلاق الثقافي، وذلك لأن البحث النوعي يستخدم لدراسة الظواهر والحالات التي لا تتوافر عنها معلومات وافية، أو لمعرفة أشياء جديدة عن حالات يطلب التعمق فيها، بغرض دراستها لاحقاً بأسلوب كمي ثاني، مكمل للأسلوب النوعي الأول. ويطلق بعض الكتاب على هذا النوع البحث الاستطلاعي.
استخدام البحث الكيفي في المجتمعات المعقدة مناسب
يعتبر استخدام البحوث الكيفية في المجتمعات المعقدة مناسب، حيث إنّ هذا النوع من البحوث يدرس كيفية العلاقات بين العناصر التي تؤدي إلى السلوكيات الجماعي، وكيف يتفاعل النظام وتشكل العلاقات مع بيئته، كما يعتبر استخدام هذا النوع من البحوث في المجتمعات المعقدة مناسب للأسباب التالية:
- ينطلق هذا النوع من البحوث من نموذج تفسيري يجسد البنائية الاجتماعية ويرى الظواهر الاجتماعية في طور البناء والتشكل فالناس يصنعون واقعهم انطلاقا من تفاعلهم مع بعضهم البعض لذا لا يتم هذا الأمر إلا بوجهات نظر الأشخاص الفاعلين.
- بالبحث الكيفي فمنطلق من الفلسفة البنائية الاجتماعية، التي ترى أن هناك حقائق متعددة وأن الحقيقة في واقع أمرها لها مستويات وأبعاد متعددة، وأن المعاني يمكن فهمها من خلال مستويات متعددة عن طريق السياق الاجتماعي.
- ينطلق البحث الكيفي من حقيقة أن دراسة الظواهر الاجتماعية والإنسانية (السلوكية) تختلف عن دراسة الظواهر في العلوم الطبيعية والفيزيائية. لذا فإنها تحتاج إلى طرق بحث مختلفة، يكون التركيز فيها على فهم السلوك الاجتماعي والإنساني من منظور داخلي.
- ينطلق البحث الكيفي من حقيقة أن دراسة الظواهر الاجتماعية والإنسانية (السلوكية) تختلف عن دراسة الظواهر في العلوم الطبيعية والفيزيائية. لذا فإنها تحتاج إلى طرق بحث مختلفة، يكون التركيز فيها على فهم السلوك الاجتماعي والإنساني من منظور داخلي.
خصائص المنهج المختلط
ويوضح (27- 2010) Tashakkori & Teddlie خصائص المنهج المزجي التي تتمثل في:
- الانتقائية المنهجية.
- نموذج التعددية.
- التركيز على التنوع على كافة مستويات المشروع البحثي.
- التركيز على الاستمرارية بدلاً من التركيز على مجموعة من الثنائيات.
- المدخل التكراري والدوري للبحث.
- التركيز على سؤال البحث أو مشكلة البحث في تحديد الطرق المستخدمة في أي دراسة محددة.
- مجموعة من التصميمات البحثية والعمليات التحليلية الأساسية .
- الميل نحو التوازن والمقارنة وهو ما يكون ضمنياً في ثالث المنهجيات الاجتماعية .
- الاعتماد على التمثيلات البصرية مثل الأشكال والرسوم البيانية) والمشتركة في النظام الترميزي (سليمان وأحمد وبشري، 2023، 92).
استخدامات الباحث التربوي منهج البحث المختلط
يقوم الباحث التربوي باستخدام المنهج المختلط في بحثه:
- عندما تكون البيانات الكمية والنوعية اللازمة للبحث متوفرة ودمجها يقدم للباحث فهما أفضل لمشكلته البحثي.
- عندما يرى الباحث ان نوع واحد من البيانات سواء كمي او نوعي لا يؤدي لمعالجة مشكلة البحث أو الإجابة على أسئلته.
- عندما يريد الباحث بناء اداة كمية مثل (الاستبيانات من خلال استخدام دراسة نوعية باستخدام المقابلات الشخصية).
- عندما يريد الباحث بناء اداة نوعية (مثل بطاقة الملاحظات الصفية من خلال استخدام دراسة كمية باستخدام الاستبيانات).
- يمكنك استخدام منهجية البحوث المختلطة في برامج الدراسات العليا التي من الممكن لا تقبل البحوث النوعية او الكمية مفردة، والهدف من ذلك حث طلاب الدراسات العليا لتعلم أساليب بحثية حديثة.
- لأجراء دراسة إضافية عند حصول الباحث على بيانات ونتائج تحتاج مزيدا من التوضيح والتفسير هنا يمكن استخدام منهجية البحوث المختلطة بإضافة مثلا بحث نوعي الى البحث الكمي السابق أو العكس (السعيد، 2021، 13).
علاقة المنهج المختلط بالإجابة علي أسئلة البحث:
تتضح علاقة منهج البحث المختلط بالإجابة علي أسئلة البحث من خلال الشكل التالي حيث تتم الإجابة علي كل سؤال من خلال دراسة مستقلة نوعية او كمية او مختلطة:
أسباب استخدام المنهج المختلط
- عدم كفاية مصدر المعلومات المتاح للبحث: قد لا يكفي مصدر المعلومات الباحث لدراسة الأسباب التي أدت إلى الظاهرة، وبالتالي قد يجد مشكلة في إيجاد الحل المنطقي لمشكلة البحث، مما يدفعه إلى دمج منهجين في وقت واحد بحيث يكمل كل منهما الآخر.
- تفسير النتائج الأولية: قد لا يكون استخدام منهجاً واحداً كافياً للوصول إلى نتائج مفيدة للبحث، كما قد تحتاج النتائج التي اكتشفها الباحث من خلال هذا المنهج إلى التأكيد، عندها يلجأ الباحث إلى منهج ،آخر مما يدفعه إلى دمج منهجين مختلفين معاً.
- تعمیم نتائج دراسة استكشافية: قد يجهل الباحث عدداً من الأمور المتعلقة ببحثه في بعض الأحيان، وذلك لأسباب مختلفة كضيق عينة الدراسة وخصوصيتها، أو عدم وجود دراسات كافية حول مشكلة البحث، لذلك قد يلجأ إلى القيام بدراسة استكشافية للظاهرة أو الدراسة باستخدام المنهج النوعي، ثم يتبعه ببحث كمي حول الظاهرة المدروسة (، 2021، 15).
- تحسين وفهم أكثر عمقا لدراسة سابقة: قد يقوم الباحث بتحسين دراسة، أو أجزاء من دراسات سابقة بهدف الوصول إلى فهم أكبر لها، وبالتالي فإنه يقوم باستخدام منهج آخر مغاير لمنهج الدراسة الأصلي ليصل إلى هدفه.
- الحاجة لتطبيق نظرية تربوية: قد يقع بين يدي الباحث عدد من النظريات التي يكتتف الغموض بعض نقاطها، لهذا يلجأ لاستخدام المنهج الكمي أو النوعي حتى يصل إلى الغاية التي يريدها، ويفسر الأمور الغامضة.
- فهم هدف من أهداف البحث : يشترك عدد من الباحثين في بعض الأحيان في إنجاز مشروع واحد، وبالتالي فإن البحث العلمي قد يستغرق وقتاً طويلاً في حال أراد الباحث فهم جزئية أو هدف من أهداف البحث دون الأهداف الأخرى، لذلك فإنه قد يلجأ لاستخدام منهج البحث الكمي أو النوعي للوصول إلى الأهداف الأخرى (السعيد، 2021، 13).
مزايا منهج البحث المختلط
استخدام منهج البحث المختلط يوفر للباحث التربوي عددا من المزايا ، وهي :
- يوفر نقاط القوة في البحث التي تعالج نقاط الضعف في كل من البحوث الكمية والنوعية. على سبيل المثال البحث الكمي ضعيف في فهم السياق أو الوضع الذي يتصرف فيه الناس، وهو أمر يعوضه البحث النوعي. ومن ناحية أخرى، يُنظر إلى البحث النوعي على أنه ناقص بسبب احتمال التفسيرات المتحيزة التي يقوم بها الباحث وصعوبة تعميم النتائج على مجموعة كبيرة. والبحث الكمي ليس لديه نقاط الضعف تلك . وهكذا، باستخدام كلا النوعين من البحوث، يمكن أن يستبدل الباحث نقاط القوة في كل منهج بدل نقاط الضعف في المنهج الآخر.
- يوفر فهما أكثر اكتمالاً وشمولاً لمشكلة البحث من المناهج الكمية أو النوعية وحدها.
- يوفر منهج لتطوير أدوات أفضل وأكثر مناسبة لسياق البحث. فعلى سبيل المثال، باستخدام البحوث النوعية، يمكن جمع معلومات عن موضوع معين أو بناءه من أجل تطوير اداة ذات صدق بنائي مرتفع، أي يقيس البناء المعرفي الذي الباحث يعتزم قياسه في بحثة.
- يساعد على شرح النتائج أو كيفية عمل العمليات السببية (السعيد ، 2021، 15).
عيوب منهج البحث المختلط
منهج البحث المختلط له بعض العيوب من أهمها :
- تصميم البحوث المختلطة يمكن أن تكون معقدا للغاية.
- يستغرق وقتاً وموارد أكثر بكثير لتخطيط وتنفيذ هذا النوع من البحوث.
- قد يكون من الصعب تخطيط وتنفيذ طريقة واحدة بالاستناد إلى نتائج طريقة أخرى.
- قد يكون من غير الواضح كيفية حل التناقضات التي تنشأ اثناء تفسير النتائج (السعيد ، 2021، 15).
الخاتمة
يتضح جليا أن أهمية البحوث الكيفية في العلوم الاجتماعية تضاهي تلك الخاصة بالبحوث الكمية، وتفرضها طبيعة المشكلة والظاهرة محل الدراسة ورغم مرونة خطواتها وإجراءاتها المنهجية ، إلا أنها تخضع إلى طريقة علمية محددة ومعروفة، وعلى الرغم من اختلافها في الطبيعة والاجراءات عن تلك الخاصة بنظيرتها الكمية، إلا أنها تسمح للباحث بالتعديل والتقييم في كل مرحلة وخطوة، للوصول نتائج دقيقة.
وعليه، يقوم البحث الكيفي على النتائج والمعطيات غير الكمية؛ بمعنى أن معطيات القياس الكمي، لا تشكل جوهر وتفاصيل البحث وإن كان من الممكن الاستفادة بها في صور أخرى غير كمية وفي بعض الأحيان يتم إجراء البحث الكيفي كتعميق لمعطيات كمية، ذلك أنه في البحوث الكيفية يكون التركيز على التعمق في دراسة الموضوع من خلال جمع بيانات شاملة ومتنوعة عميقة من جوانبه المختلفة وأوجهه المتعددة.
كما بينت الدراسة أهمية استخدام التحليل الكيفي إلى جانب التحليل الكمي فكل منهما مزاياه وهو منهج المختلط، لأن الرقم ليس له أي معنى ما لم يفسر ويحلل اجتماعياً، إذ أن هناك مطالبة بضرورة وضع البعدين الكمي والكيفي في الاعتبار عند دراسة الواقع الاجتماعي حتى لا يقودنا أي فصل بين أنواع التحليل الكمي والكيفي إلى تشويه علم الاجتماع.
ما عليك سوى نشر المقال
يمكنكم التواصل معنا عبر الواتساب
اترك ردّاً